باعتذر يا جماعة عن قصر الفصل ..
إن شاءالله هايكون ليه تكملة، لأن حقيقي كنت مشغولة طول اليوم، الفترة دي صعب الواحد يلاحق فيها من كم الضغوط اللي عليه ..
التكملة هاتكون بكرة بأمر الله مالم يحدث شيء طارئ
الفصل الحادي والتسعون
انتقاله لزيارة أحدهم بالخصوص، يعني أن ذاك الشخص عزيزًا لديه، وإلا لاستدعاه للقدوم إليه احترامًا لمقامه وسنوات عمره الطويلة. لم يدخر "سلطان" وسعه في مساعدة من لجأت إليه بعد نضوب جميع الاختيارات لديها، صعد إلى الطابق العلوي، ورفع عكازه ضاربًا به الباب الخشبي، وصوته ينادي:
-افتح يا واد لجدك.
كرر خبطه على الباب بقوةٍ أكبر ليثير انتباه "هيثم"، لحظاتٍ انقضت عليه قبل أن يسمع وقع خطواته القادمة، فتح له الباب ورحب به بوجهه المتجهم، وذقنه المهملة:
-اتفضل يا جدي، نورت البيت.
أمره بأسلوبه الصارم وهو يلكزه بعكازه في كتفه:
-فسح كده خليني أدخل.
رد عليه "هيثم" بصوته الناعس وهو يفرك شعره المهوش:
-بيتك يا جدي.
نظر له "سلطان" بنفورٍ، لاويًا ثغره، ليوبخه بعدها:
-وبعدين إيه اللي إنت عمله في نفسك ده؟ أخد جمب، وعازل نفسك عن الكل، حتى مراتك.
سأله بضيقٍ:
-هي اشتكيتلك؟
أجابه ببساطةٍ:
-أه اشتكتلي، ما أنا زي جدها، هتروح لمين يعني لما تلاقي حالك مايل بالشكل ده؟
تحرك الجد في اتجاه أقرب مقعدٍ، وجلس عليه، بينما ألقى "هيثم" بجسده الكسول على الأريكة المجاورة له، ثم أخبره بزفيرٍ بطيء، وشعوره بالخذلان متمكن منه:
-يا جدي أنا فيا اللي مكفيني، مش ناقص نأرزة من حد.
سأله بنظراته النافذة:
-وإنت عملت إيه عشان تاخد جمب كده؟
أجابه بعد أن لفظ زفيرًا مسموعًا:
-مقهور يا جدي على اللي حاصل.
ركز بصره عليه، وسأله:
-ليه هو إنت اللي كنت خططت مع أمك ونفذت؟
نفى في الحال:
-لأ، بس أنا ابنها، والكل هيلومني على اللي عملته
تفهم حالة الإحباط المتكمنة منه، وليهون عليه الأمر خاطبه بلين الكلامِ:
-يا ابني ربنا بيقول "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، ليه هنشيلك ذنب حاجة إنت معملتهاش من الأساس؟
بألمٍ أخبره:
-مش لازم تقولوها في وشي، كفاية أشوفها في نظراتكم ليا.
رد في استياءٍ منزعج من تفكيره الخاطئ:
-لا حول ولا قوة إلا بالله، هو إنت شوفت مننا حاجة تقولك كده؟ معاملتنا ليك اتغيرت في أيتها شيء؟
أجابه وهو يهز رأسه:
-الشهادة لله لأ
عاتبه بلهجةٍ لم تكن متشددة:
-أومال بتقولنا وتعودنا حاجات معملنهاش ليه؟ غاوي تجيب لنفسك النكد؟
غمغم في امتعاضٍ:
-يا جدي..
قاطعه بحزمٍ:
-بس يا واد، اسمع الكلمتين اللي فيهم الخلاصة.
تمتم بخنوعٍ:
-حاضر
أوصــاه مشيرًا بيده:
-أمك حقها عليك تراعي ربنا فيها بما يرضي الله، ماتسمعش كلامها لا في معصية ولا في حاجة تغضب ربنا، وده اللي إنت عملته مظبوط؟
أومأ برأسه مرددًا:
-أيوه.
تابع استرساله معه:
-واللي حصل كان مقدر ومكتوب، ربنا كاتب تشوف ده في حياتها، إنت عليك تراعيها وتاخد بالك منها لحد ما السر الإلهي يطلع.
تطلع إليه في صمتٍ، بينما أضاف الجد بنبرته العقلانية، ليزيل الغشاوة الحاجبة عن فهمه للأمور من هذا المنظور الضيق:
-وأختك "خلود" جايز ربنا أراد إنها تاخد منزلة الشهادة في موتها، وعشان كلنا ندعيلها بالرحمة والمغفرة، مش أحسن ما كانت تأذي غيرها؟ وإنت عارف أختك كانت عاملة إزاي، وناوية على إيه .. وساعتها كان الكل هيدعوا عليها، أنهو الأفضل بقى اختيارنا ولا اختيار ربنا؟
لم يجبه "هيثم" فصاح به:
-رد يا واد.
قال بوجومٍ:
-اختيار ربنا طبعًا.
أخبره بلهجةٍ كانت ما بين اللين والشدة:
-يبقى تقول الحمدلله على كل حال، وقوم كده فوق لنفسك ولمراتك، ده إنت ربنا رزقك بواحدة بنت أصول، متربية، ومافيش زيها.
وحين وجد استجابة طيبة منه، ألح عليه:
-ماتبقاش نكدي وغاوي هم وغم.
لم يظل "هيثم" متعنتًا في فكره، وقال في استسلامٍ:
-حاضر.
أمره الجد بنفس الصوت الحازم مستخدمًا نظراته في الإشارة:
-وقوم هوي البيت كده، أنا عارف إنت طايق الكمكمة دي إزاي؟
نهض واقفًا وهو يرد بانصياعٍ كامل:
-اللي تؤمر بيه يا جدي.
........................................................
انقشعت مؤقتًا غيمة الحزن عنها، لتلتهي بحديثها مع الصغيرة الجالسة إلى جوارها على فراشها القديم. أمعنت "فيروزة" النظر في وجه ابنة خالها، وشعرت بعاطفة حانية نحوها، لا تنقُص في مقدارها عما شعرت به تجاه من فارقوا الحياة، بل زادت عليها بمحبةٍ أكبر. سألتها "رقية" وهي تعبث بدميتها الصغيرة:
-إنتي هتنامي جمبي؟
أجابتها بابتسامة لطيفة:
-أيوه، ما هو ده كان سريري زمان، ودي كانت أوضتي مع "همسة".
بعفويةٍ استرسلت الصغيرة متحدثة معها:
-أنا كان عندي أوضة كبيرة أوي عند ماما قبل ما تروح لربنا.
شعرت بغصة تؤلم حلقها تأثرًا بها، وضمتها من كتفيها إلى صدرها وهي تشدد عليها:
-حبيبتي، كل حاجة موجودة هنا بتاعتك، وأنا هاجيبلك كل اللي إنتي عايزاه.
على الفور طلبت منها بعينيها ذات اللون الزيتوني:
-أنا عايزة ماما.
لم تجد من الكلمات المناسبة ما ترد به عليها، فزادت من ضمها لها، وكبتت قدر استطاعتها نوبة بكاء مهددة بالظهور. حاولت "فيروزة" أن تغير من الموضوع بسؤالها:
-تحبي أحكيلك حدوتة؟
ردت متسائلة في اهتمامٍ:
-عن إيه؟
أجابتها بسؤالٍ آخر:
-إنتي بتحبي تسمعي إيه؟
هزت كتفيها قائلة في حيرة:
-مش عارفة.
مطت شفتيها للحظةٍ قبل أن تخبرها بنوعٍ من الحماس الزائد:
-طيب تعالي نفكر سوا هنحكي عن إيه.
منحتها مع كلماتها ابتسامة صافية، لم تكن لتحمل ضغينة أبدًا لها، فابتسمت لها "رقية" وهي تطالعها ببراءة، مستشعرة معها بمودةٍ حقيقية، وكان الشعور متبدلاً بصدق.
............................................................
غاب عن دكانه أيضًا لليوم التالي، ولم يتواجد في وقت الغذاء، وأصبح حضوره مقتصرًا على وقت المبيت ليلاً، مما استرعى انتباه والده الذي اعتقد في وجود خطب ما به، انتظره ريثما عاد للمنزل، وتبعه إلى غرفته، ليجلس على المقعد الفردي المتواجد بها، ثم سأله في اهتمامٍ يشوبه القلق:
-كنت فين يا ابني طول اليوم؟ وامبارح بردك مكونتش معانا.
تنحنح بحشرجةٍ خفيفة، وأجابه بنوعٍ من المراوغة:
-شوية مشاوير بأقضيها.
عاتبه "بدير" بتبرمٍ:
-وإنت ناقص تعب؟ ما الرجالة موجودين في الدكان، شوف ناقصك إيه ويعملوه.
هز رأسه معقبًا عليه بهدوءٍ:
-أنا عارف يا حاج، بس في حاجات ماينفعش تتعمل إلا بوجودي.
زفر مطولاً قبل أن يرد عليه محذرًا:
-الله يقويك، بس لازمًا تاخد بالك من صحتك، إنت قايم من بهدلة.
بنفس التعابير الهادئة خاطبه "تميم":
-ربنا المعين.
استقام والده واقفًا، وشرع في التحرك تجاه باب الغرفة؛ لكنه استدار ليخبره:
-بأقولك إيه، احنا هنكلم جماعة بيت "خليل"، نعرفهم إننا جايين بعد كام يوم، يعني عشان نعمل واجب العزا في جوز بنتهم، أمك عرفتني بده، وقالتلي أستنى شوية يرتبوا أمورهم.
بريق غريب اجتاح نظراته، حتى قسماته تلبكت إلى حد ما وهو يقول:
-واجب يا حاج.
أضاف بعد تنهيدةٍ:
-شوف نفسك ساعتها، لو فاضي ابقى تعالى معانا.
لم يرغب أن يبدو عليه الاستعجال في حضرته، فأعطاه ردًا عاديًا؛ وكأنه لا يهتم:
-بإذن الله.
أما عن داخله فكان متشوقًا بلهفةِ صغير ينتظر ليلة العيد لهذا اللقاء الرسمي، لم يشكل فارقًا معه، فخلاله سيملي عينيه برؤيتها الشافية لأي أوجــاع.
......................................................................
بضعة أيامٍ مرت على استقرارها في منزلها، وهي تسعى بجهد جهيد لاستعادة ما افتقدته في حياتها السابقة، محاولة تخطي تلك الفترة البائسة، والتي منحتها تعاسة أبدية لا يمكن محوها بسهولة. ولتمضى قدمًا دون الشعور بالخزي من نفسها، أو حتى الحصول على شفقة وتعاطف الآخرين، اكتفت بالادعاء كذبًا أن وفاة زوجها ناجمة عن سكتة قلبية مفاجئة، دون الخوض في تفاصيل مأساتها، لتظل أسرارها المؤلمة مدفونة في أعماق روحها المنتهكة. وعلى حسب الميعاد المتفق عليه، أتت إليها رفيقتها لمواساتها، فاستقبلتها بنفس الود السابق، حتى لا ترتاب في أمرها. احتضنتها "علا"، وقالت بعينين دامعتين:
-البقاء لله يا "فيرو".
ردت بتعابيرٍ جامدة، لا يظهر عليها التأثر رغم محاولتها العكس:
-الدوام لله وحده.
تابعت "علا" قائلة بصوتها المختنق:
-أنا اتقهرت أول ما عرفت، مصدقتش "ماهر" لما قالي، إزاي ده حصل؟ عُمر "آسر" ما كان بيشتكي من حاجة، والله موته فرق معانا.
لم يكن شقيقها راضيًا عما يسمعه، ولكونه لم يطلعها على حقيقته الصادمة، بقي مكتوف الأيدي، عاجزًا عن إفساد صورته في عقلها، لذا كانت على سجيتها في التعبير عن تأثرها بوفاته؛ لكنه ضجر في النهاية من ثرثرتها المحرجة، فهتف بها بلهجةٍ صارمة:
-خلاص يا "علا"، مالوش لازمة الكلام ده، هو أجله جه كده.
ناظرته بعينين منزعجتين، وعاتبته:
-المفروض إنت تزعل عليه أكتر مني، ده كان صاحبك.
هتف في تزمتٍ:
-أنا زعلي كده.
لاحظت "فيروزة" توتر الأجواء بينهما، فتدخلت قبل أن تزداد حدة بقولها المجامل:
-شكرًا لتشريف حضرتك يا "ماهر" بيه.
استدار محدقًا فيها، واستطرد متسائلاً:
-على إيه بس يا "فيروزة"، قوليلي أخبارك إنتي إيه دلوقتي؟
جاوبته وهي ترسم بسمة صغيرة على ثغرها:
-الحمدلله أحسن.
باهتمامٍ واضح عليه سألها:
-عملتي إيه في موضوع إعلام الوراثة؟
أعطته ردًا حاسمًا، بوجهٍ عابس التعبيرات:
-احنا اتكلمنا قبل كده فيه، مش عايزة حاجة.
وقبل أن يضغط عليها بأسئلته، صدح رنين هاتف شقيقته، أخرجته من هاتفها معتذرة بنعومةٍ، ثم قالت بنحنحة بسيطة:
-هستأذنكم بس هارد على التليفون.
علقت عليها "فيروزة" وهي تشير بيدها نحو الشرفة لتتجه إليها:
-خدي راحتي هناك.
انتظر "ماهر" انصرافها، لينحني للأمام بجذعه نحوها يلومها بصوتٍ خافت:
-ميراث إيه اللي مش عايزاه؟ ده حقك الشرعي.
خفضت من نبرتها لتخبره بألمٍ:
-يا "ماهر" بيه حضرتك وأنا عارفين كويس مصدر الفلوس دي إيه.
شدد عليها بلهجته الجادة:
-أنا باتكلم عن أملاكه اللي هنا، اللي كان أصلاً وارثها عن أهله.
أصرت على رفضها قائلة:
-مش عايزة حاجة منه.
رفع إصبعه أمام وجهها يحذرها بضيقٍ:
-ما تركبيش دماغك يا "فيروزة"، إنتي محتاجة فلوس تساعدي بيها نفسك قبل عيلتك.
لوهلةٍ شعرت بالإهانة المبطنة من كلماته؛ وإن كانت غير متعمدة. بلعت غصة جارحة في حلقها، وقالت بعزةِ نفسٍ:
-مستورة والحمدلله يا "ماهر" بيه.
تدارك زلة لسانه، واعتذر منها:
-سوري، ده مكانش قصدي، بس آ...
توقف عن إتمام جملته عندما انضمت شقيقته إليهما مجددًا، وهي تعلل سبب مكالمتها الطارئة:
-أسفة، كانت زبونة بتأكد عليا على ميعاد استلام حاجتها.
علقت "فيروزة" بتفهمٍ:
-ولا يهمك.
سألتها رفيقتها في اهتمامٍ:
-ناوية تعملي إيه يا "فيرو" الفترة الجاية؟
تهدل كتفاها في فتورٍ وهي تخاطبها:
-لسه مش عارفة.
اقترحت عليها برقةٍ:
-طب ما ترجعي تقفي معايا في المحل، بجد إنتي ممتازة وآ...
رفضت عرضها بلباقةٍ:
-بلاش يا "لولو"، اعفيني.
استدارت تتكلم مع شقيقها تحثه على دعمها:
-ما تقولها إنت يا "ماهر".
خالف توقعاتها، واحترم رغبتها بتأيده لها علنًا:
-سبيها على راحتها يا "علا"، ماتزهقيهاش، هي محتاجة وقت.
منحته "فيروزة" نظرة امتنانٍ صامتة، لتشرع بعدها في تغيير الحديث لأشياء أخرى غير تلك التي تخصها، فيكفيها ما تجرعته من مرارة وآلام خلال ما مضى.
..................................................................
نظرة تعاطفٍ مصحوبة بحزنٍ سددتها لتلك الراقدة على فراشها بالمشفى، فبعد أن كانت "بثينة" رمزًا للوقاحة، والإساءة للآخرين بلسانها السليط، أصبحت الآن لا حول لها ولا قوة، بالكاد تستطيع التماسك وتدبر أمورها، ومع هذا اقترحت "همسة" على زوجها، أن يأتي بها إلى منزلهما، لتكون تحت أنظارهما، كبديلٍ عن إبقائها بالمشفى وحيدة، وتعيسة، لا تفيق من لوم نفسها، فربما بتواجدها معهما تتحسن حالتها النفسية، خاصة بعد إشارة الأطباء لحاجتها للمتابعة مع أحد المتخصصين لتجاوز تلك الأزمة الخطيرة.
وما إن رأى "هيثم" والدته غافلة، حتى تحدث إلى زوجته بصوتٍ خافت يوصيها:
-خليكي معاها هنا لحد ما أدفع الحساب.
قالت بإيماءة موافقة من رأسها:
-ماشي يا "هيثم".
بقيت إلى جوار فراشها، جالسة على المقعد، وكامل نظراتها المهتمة عليها. لم تتوقع "همسة" أن يصيبها كل هذا الضرر في وقت قصير؛ ولكن على الباغي تدور الدوائر، تنهدت في أسفٍ، ورغم هذا دعت لها بالشفاء. تحفزت في جلستها عندما وجدتها تفتح عينيها، مالت ناحيتها لتقول ببسمة لطيفة:
-حمدلله على سلامتك يا طنط.
ثم ربتت برفقٍ على ذراعها المسجي إلى جوار جسدها، وتابعت:
-إن شاءالله تبقي كويسة.
حاولت "بثينة" التكلم، لم يسعفها لسانها الناقص، بدا صوتها كالأنين الباكي، وتشنج ذراعها بانفعالٍ وهي تتحسس به وجهها. انتفضت "همسة" واقفة، وسألتها بقلقٍ مهتم:
-عايزة إيه أجيبهولك يا طنط؟ شوريلي بس.
تضاعف تشنجها مع عجزها عن النطق بما تريد، فصاحت "همسة" مستغيثة:
-يا جماعة، حد يلحقني.
على إثر صوتها المرتفع، تجمعت بضعة ممرضاتٍ -وقبلهن الطبيب- لإسعافها، دفعتها إحداهن للخارج قائلة لها بلهجةٍ بدت آمرة:
-معلش انتظري برا شوية.
استجابت مرددة في توجسٍ:
-طيب.
فركت "همسة" كفي يديها معًا، شاعرة بارتفاع معدل نبضاتها، ظلت تتمتم بتضرعٍ:
-عديها على خير يا رب.
بعد دقيقتين، جاء إليها زوجها، ألقى نظرة حائرة عليها، قبل أن يسألها باستغرابٍ:
-إيه اللي حصل؟ واقفة هنا ليه؟
زمت شفتيها للحظة، ثم أجابته:
-مامتك تعبت شوية.
انخلع قلبه في خوفٍ، وسألها:
-من إيه؟
ردت وهي ترمش بعينيها:
-مش عارفة ...
ثم وضعت يدها على جانب كتفه تطمئنه:
-دلوقتي هيطلعوا يطمنونا، ادعيلها يا حبيبي.
إحساسًا مرعبًا انتابه في تلك اللحظة، خشي ألا يتحمل قلب والدته -أو عقلها- صدمة خسارة شقيقته بسبب طمعها الجشع. شحب وجهه من هواجسه المتواترة؛ لكن بقيت ابتسامة "همسة" الصافية، دليله الحسي الملموس بأن الأمور ستصير على ما يرام ...................................................... !!
.................................................