-الفصل السبعون-

61.7K 2.6K 1.1K
                                    


في البداية وجب توجيه الشكر لجميع القراء في كل مكان على دعمهم الإيجابي، تشجيعهم المتواصل، وانتظارهم الشغوف لمتابعة أحداث فصول الرواية، بالإضافة للتحليلات العظيمة والتعليقات الجميلة على مدار الأجزاء السابقة ..

وأرجو من الله أن يكون الجزء الثالث هو استكمال لتلك الملحمة الشعبية الأصيلة ..


أترككم مع أحداث الفصل


الفصل السبعون

أخطأت حين هاتفت ابنتها، لتعلمها وسط نوبة بكائها المُقطعة لنياط القلوب، بما آَلم بشقيقها الوحيد، حينها صرخت منادية باسمه، أنهت الاتصال بعد إلمامها بالتفاصيل البسيطة، لتذهب ركضًا إليه، وقلبها يدعو الله بتضرعٍ كبير ألا يضرها فيه. لم تعرف "هاجر" كيف ارتدت ثيابها، وكيف حملت رضيعها على ذراعها، بالكادِ صمدت وهي تهرول بها بها نحو أقرب سيارة أجرة، لتقلها للمشفى الراقد فيه "تميم". عجزت عن الوصول إلى زوجها، فهاتفه مغلق منذ ليلة الأمس؛ وكأن وجوده أصبح والعدم سواء، تحرك فكها ليتساءل تلقائيًا:

-فينك يا "محرز"؟

لم تلك في حالة صفاءِ ذهنٍ لتفكر في أمره، شاغلها الأكبر حاليًا بلوغ المشفى في أقصى سرعة. وما إن ولجت للاستقبال، حتى أسرعت نحو إحدى الموظفات تستعلم منها عن مكانه، أرشدتها إحدى الممرضات إلى مكان انتظار عائلات المرضى، وهناك لمحت والدتها الباكية تنتحب على أحد المقاعد المعدنية، خطت في اتجاهها، وصراخها الموجوع يقطع السكون المشحون بالأحزان، والسائد في الأرجاء:

-أخويا جراله إيه يامه؟

كلمة واحدة أجابتها بها "ونيسة" بصوتٍ اختلط ببكائها الحارق، وجعل قلبها ينقبض أكثر:

-ادعيله.

تعبيرات والدتها المكلومة، نهنهاتها المخيفة، وعيناها المنتفختان أكدت لها أن الجلل عظيم، كادت "هاجر" تُسقط رضيعها من ذراعها المرتخي، لولا إسراع "سراج" الذي كان لا يزال متواجدًا لالتقاطه منها، قبل أن يرتطم جسده الضئيل بالأرضية القاسية، وتزداد حسرة العائلة بفاجعة جديدة، نبهها وسط سرعة ردة فعله:

-خدي بالك!

وكأنه يُحادث الفراغ، لم تكن "هاجر" في وعيها، انتابتها نوبة من الصراخ المصحوب بالعويل واللطم، شعورها بالذنب نحوه كان عظيمًا، لكونها كانت على خلافٍ كبير معه، ظنت أنه على وشك مفارقة الحياة، وهو لم يُغضبها يومًا، لم يحمل قلبه نحوها أدنى ضغينة؛ وإن قست عليه كثيرًا، زادت حدة صرخاتها، فنهاها والدها عن ذلك بلهجته الصرامة:

-مش عايز ندب هنا! أخوكي لسه مامتش عشان تعددي عليه.

وضعت يدها على فمها تكتم شهقاتها التي تقاتل للخروج، بينما تابع "بدير" أوامره:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن