والآن الحفل أوشك على الإنتهاء، ف"أكتافيوس" ليس بعيدا كثيرا عن القصر، وفى وسط الضحك المتعالي، والأغاني الصاخبة، يأتى صوت أفراس جنود "أكتافيوس" لتخترق قلوب من فى الحفل وأولهم "أنطونيوس"...
هجوم من أفراس الخير على عبدة الشر، كانت القاعة اشبه بمذبحة، دماء تتطاير فى كل مكان، موت الملعونة "جلاديوس" بخنجر أحد الجنود، وسهم يطير من قوس الأمير "لويس" ليسكن فى قلب "أنطونيوس"، وأخيرا صمت الشر، وبدأ سيف الخير فى الكلام، وسقط "أنطونيوس" معلنا أنه لن يعود للوقوف مرة أخري، وعاد حق "صوفيا" لها مرة أخري، وأصبحت المملكة الواسعة مقسمة، نصفها ل "أكتافيوس" ونصفها ل "لويس"، استمرت الحرب ثلاث ساعات حتى مات كل من فى القصر...***********************************
"صوفيا" وصلت إلى قصر "أكتافيوس"، ورأت الملكة "ناردين" هذة الجميلة وهي تدخل إلى القصر، فطلبت من خادمة لها أن تذهب لتحضرها..
- أيها الجنديان، الملكة "ناردين" تريد الحديث مع هذة الفتاة..
- رد أحد الجنديان: حسنا سوف نحضرها، أتسمحي أن تذهبي معنا؟
- لا أمانع، ولكن من هي الملكة "ناردين"؟
- هى أم الأمير"أكتافيوس"، انظري هي التى تجلس هناك..
وعندها رأت "صوفيا" إبتسامة هذة الرائعة، نفس المشهد يتكرر مجددا ولكن بشكل أحسن بكثير، أتتذكر عندما رأتها أم "أنطونيوس"، يال فرق المعاملة..
- مرحبا سمو الملكة "ناردين"، أنا "صوفيا"، لا تقلقي لن أمكث هنا كثيرا من الوقت، ولن أزعجكم..
- بنتي، لا أريد منك هذا التقرير، وأبواب القصر دائما مفتوحة لمن يريد المساعدة، أنا فقط أريد أن أعرف لما جئتي؟
سمعت "صوفيا" كلمة بنتى بعد أن أشتاقت لهذة الكلمة كثيرا، وأحست بحنان هذة الملكة وطيبتها...
- قصتى طويلة يا مولاتي، سوف تملين من سماع كل تلك القصة..
- ولما سأمل، تفضلي لتجلسي قليلا، يبدو عليكي التعب..
- أنتى حقا ملكة أم أنكم تمذحون معي؟!
- هنا ضحكت "ناردين" ضحكة رقيقة ورائعة، وأكملت حديثها قائلة: ولماذا كل ذلك الإستغراب؟!
- أنا أستغرب من شيئين، أولهما، كيف أن حضرتك تتصرفين بشكل طبيعي وابنك فى حرب؟ وثانيهما، كيف أن حضرتك ملكة هذا القصر ولا تتكبري وتتعالى علي وأنا مجرد فتاة من قرية؟
- أنا أتصرف بشكل طبيعي لأنني واثقة فى "أكتافيوس" وأعرف أنه عندما يصمم على شيء لابد أن يفعله، وهذا ما يجعلني هادئة، لقد دعوت له كثيرا، كما أنه ذاهب ليرفع راية الخير، وأما عن السؤال الثانى فليس لأني ملكة ينبغى علي أن أتكبر، أنا إنسانة وخلقت من طين مثلي مثل أي شخص، ومصيري مثل مصير أي كائن، فلما لأتكبر؟!
أعجبت "صوفيا" كثيرا بهدوء وحكمة هذة الملكة، أحست بطيبة تشع منها كنور بدر مكتمل فى الصحراء ليلا..
- بنتي، لم تجلسي بعد..
هذة الجملة قطعت شرود "صوفيا" وأفكارها المتداخلة
- حسنا مولاتى سأجلس..
- هيا أحك لي قصتك من البداية..
وحكت "صوفيا" لها القصة كاملة، منذ هجوم "أنطونيوس" إلى وجودها فى هذا القصر...
- يا الهي، لقد شقيتي كثيرا فى فترة قصيرة يا "صوفيا"، ولكن لا تقلقي طلاما أنت على حق، وقلبك ممتلئ بالخير...
- ابتسمت "صوفيا" لها، وبعدها أكملت حديثها قائلة: هيا يا "صوفيا"، الوقت أصبح متأخرا، هيا لننام..
- ولكن يا مولاتي، كيف سننام و "أكتافيوس" فى معركة؟
- يبدو عليك التعب، ويجب أن ترتاحي..
- كيف...
- "صوفيا" لا تضغطي على نفسك..
- حسنا سوف أذهب..
وبعدها أمرت إحدى خادماتها أن تأخذها إلى غرفة الضيوف...***********************************
لم تنم "صوفيا" بالقدر الذي يكفيها، نامت حوالى ساعتين أو ثلاث من شدة تعبها، كانت تنتظر خبر موت "أنطونيوس" على أحر من الجمر، وأشرقت الشمس ومع إشراقها أشرق نور "أكتافيوس" و "لويس" وجيشهما، كانت "صوفيا" تقف فى شرفة غرفتها، وما إن لمحت جيش "أكتافيوس" حتى نزلت من غرفتها تركض..
وصلت إلى باب القصر ووجدت الجنود يفتحوه، رأت الجيش على بعد مترات من باب القصر، كانت خائفة كثيرا، خائفة من أن يكون "أنطونيوس" مازال حيا، من المؤكد أنه إن كان حي سوف يأتي بها....
دخل الجيش القصر وأراد "أكتافيوس" أن يخيف "صوفيا"، فقط ليمزح معها، فمر من أمامها ونظر لها فى أسى ثم أكمل طريقه، هنا انقبض قلب "صوفيا" وبدأت ترتجف، ذهبت ورائه وهى تكرر سؤال ما الذي حدث؟..
- نزل "أكتافيوس" من على فرسه وقال لها فى نبرة حزن مصطنعة: لقد.. إنى آسف لم استطع...
- قاطعته "صوفيا" قائلة بنبرة كلها أسى: لا عليك.. لقد فعلت ما بوسعك..
واستدارت وكانت ستمشي حتي سمعت أجمل شيء فى حياتها
- لم نستطلع أن نتركه يعيش "صوفيا"، لقد قتلنا كل من فى القصر، وهذا حقك..
نظرت خلفها لتجد الأمير "لويس" هو من يتكلم، نعم هى لا تعرفه ولكنها لم تستفسر عن شخصيته، فهى لم تتمالك نفسها وأخذت تشكرهما بشدة، ونزلت من عينيها دموع الفرحة، وبعد أن هدأت قليلا طلبت شيء من "أكتافيوس"
- إذا سمحت سمو الأمير، كنت أريد أن أسألك على أمير كان ينقذ الضحايا من يد "أنطونيوس"، وأنقذ أمي وهى عنده الآن، وأريدك أن تعطيني عنوانه، اسمه الأمير "لويس"..
- "صوفيا"، أنت بالفعل تقفين أمام الأمير "لويس"
كان "لويس" أمير للخير، وأكثرهم فى مواجهة "أنطونيوس"، لم ييأس فى المرات الكثيرة التى خسر فيها أمامه بل كان يعود ليحاربه مجددا، وكان دائما ما ينتظر أسبوع التخريب ليقوم بإنقاذ الضحايا منه، كان وسيم بطريقة غريبة، لون عيناه كان فيروزي رائع، وشعره أملس وقصير، ونبرة صوته دائما هادئة ودافئة، كان رائع بكل ما تعنيه الكلمة من معنى..
كانت شعور "صوفيا" غير مرتب، أحست بالصدمة، والفرحة الشديدة، والإمتنان لله، كل ذلك فى لحظة واحدة، حقا كل شيء مدبر فى قدرك..
- حسنا "صوفيا"، أنا اليوم سوف أرجع على قصري، ويمكنني أن آخذكي معى..
- شكرا لك، أنا لا استطيع الإنتظار لرؤية أمي مجددا..
- أين أمي؟ يبدو أنها مازالت نائمة..
- لست نائمة يا "أكتافيوس" ولكن يعجبني أن أشاهد هذا المشهد من بعيد، يكفي أنني لست أول شيء خطر فى بالك..
- أمي، "صوفيا" هى أول شخص رأيته، أتحزنين من كل شيء؟؟!
وهنا تعالت الضحكات، وذهبوا بعدها جميعا ليرتاحوا قليلا..
أنت تقرأ
لعبة القدر || Cauldron's Game
Fantasyزهرة رائعة قطفت من بستانها وقذفت فى مكان لا يمكن أن تخرج رحيقها الجذاب فيه.. وكان الهواء يحملها من عذاب إلى أخر.. أدخلها مرة فى أرض مغطاه بالأشواك المدببة.. فقطعت إحدى أوراقها الجميلة.. وأخذها إلي أرض جرداء.. فجفت حتى أصبحت سهلة التكسير والتفتت...