الفصل العاشر
تطلع لها بزهول وهى تتأمله بسكون مخفى بالأشتياق يلعب الشوق مداهمة مريبة مع قلبها ..
نعم إستمعت لصوته يصيح بأسمها وتراه أمامها لم تتوهم هى بحقيقة لاطالما هربت منها ..
أقترب ياسين ليقف أمامها مباشرة فرفعت عيناها السمراء لتقابل عيناه الجافة ، لم تتخيل أن تلك العينان كانت تكن لها حبٍ بيومٍ ما ، ربما ما فعلته يستحق القسوة والكراهية .....
وقف يتأملها بعاصفة من المشاعر المرتبكة كحال قلبه ...هل مازال هذا القلب يميل لها بعد ما أرتكبت بحقه ؟؟
لا هو الآن لملكة أخرى ....
خرج صوتها أخيراً قائلة بتوتر :_عامل أيه ؟
وقف يتأملها بسكون مريب ثم حطمه بعدما توجه لسيارته قائلا بسخرية :_شيء ما يخصكيش ..
وغادر ياسين تاركها تتطلع للفراغ التى سلكته السيارة ...
*********________******
بالقصر
ترك سيارته بأهمال ثم دلف للقصر مسرعاً فأتى الحارس وصفها بأنتظام ...
توجه لغرفة والده مسرعاً فلحقت به تلك الفتاة قائلة بغضب :_فين هديتى يا عدي
أستدار ليجد شقيقته تقف والشرار يلمع بعيناها فقال بسخرية :_هو الحفلة خلصت ولا أيه ؟
مليكة بصدمة :_هى لسه بدءت !!!
رفع يديه على وجهها بخفة :_طب قولى لنفسك بقا ..
وتركها عدي وأكمل طريقه ...
طرق الباب وعندما إستمع لصوت والده دلف للداخل قائلا ببسمة هادئة :_صباح الخير
رفع يديه يتأمل ساعته قائلا بسخرية :_قصدك مساء الخير
جلس على المقعد يتراقب حديثه بعناية فأكمل ياسين قائلا بستغراب :_مش روتين أجازتك الخروج يعنى ولا الحال أتقلب
إبتسم بمكر على دهاء والده ثم تمحمح قائلا بجدية مصطنعه :_هو حضرتك متعرفش الا حصل لمازن ؟؟
ضيق عيناه الساحرة التى ورثها هذا الوحش عنه قائلا بخبث :_على حد علمى أن مازن فى المستشفى بقاله يومين وحضرتك مرحتلوش
:_عشان كدا خرجت النهاردة وغيرت الروتين
قالها هذا الوحش بثباتٍ تام أعتاد عليه من والده ....لم ينكر ياسين إعجابه بدهاء عدي ولكنه يعلم جيداً بأن هناك أمراً ما ....
خلع ياسين نظارته ثم أغلق الحاسوب قائلا بنبرة مزيفة :_أوك يا عدي النهاردة يوم مهم فى حياة عمر ولازم تكون جانبه وأظن دا من واجباتك كأخ قبل ما تكون ظابط شرطة ولا أيه ..
إبتسم عدي قائلا بتأكيد :_أكيد.طبعاً سمعت أن معتز وجاسم عايزين يعقدوا القران معاه
ياسين بهدوء :_حاسس أن معتز متسارع شوية ودا شيء مريب لكن جاسم دا طبيعى ..
أستقام بجلسته قائلا بأهتمام ؛_طبيعى أنه حب بنت فحابب يرتبط بيها بشكل رسمى
إبتسم بخفوت على تبدل عقلية الوحش فعلم الآن بأن تفكيره هو الصائب :_مش معتز الا يفكر كدا يا عدي
بادله الحديث بنفس نبرة الهدوء :_طب أيه الحل ؟
شرد بعقله قليلا ثم قال بثبات :_الحل موجود عنده بس هو يستغله صح
عدي بعدم فهم :_مش فاهم حضرتك
إسترسل حديثه ببسمة هادئة :_متخدش فى بالك المهم تكون متواجد هنا معاهم
:_حاضر عن أذن حضرتك
قالها عدي بعدما نهض عن المقعد وتوجه للخروج فأشار له ياسين بالأنصراف ..
******____________******
بغرفة نور
كانت تجلس على الفراش بهدوء ، تفكر بنعم الله عليها ....حينما فقدت بصرها كانت والدتها لجوارها لتكون هى مرشدها وعندما أذن رحيلها أتى عمر ليكون خاتمها بعشقه وحنانه المنان ، نعم لم تطلب من الله أسترداد بصرها قط ..كانت تحمده على نعمه العديدة فكيف لها الأنتباه لذلك وهى منغمسة بقوافل نعمه العطرة .ولكنها ما أن دلف عمر لحياتها حتى باتت تدعو الله أن تستعيد بصرها ولو لدقائق تختم صورته عيناها وتظل هى أخر من ترأه ....اليوم ستكون له زوجة لم تصدق ذلك ولكن شعورها بفرحته المزفوفة بنبرة صوته شُعلت الفرحة بقلبها المظلم ...
أفاقت نور على صوت دقات باب الغرفة فتحسست بيدها الفراش إلى أن وقعت يدها على حجابها فوضعته على رأسها قائلة بصوتٍ هادئ :_أدخل ..
دلفت مليكة أولا تتراقب الأمر ثم أقتربت منها لتخبرها بأن أخيها الأكبر يود رؤيتها ويستأذن للدلوف ..
إبتسمت نور على أخلاق تلك العائلة فرغم غناهم الفاحش الا أن قلوبهم معطرة بقيم تفوقها ملايين المال ...
دلف عدي بعدما أخبرته مليكة بترحباها به ...جلس على المقعد وعيناه تفترش الأرض أسندتها مليكة للجلوس على الأريكة المجاورة له ثم فتحت الباب على مصراعيه وغادرت ..
عدي ومازالت عيناه أرضاً :_أنا حبيت أعرفك عن نفسي مدام هتكونى زوجة أخويا
إبتسمت على طريقته المرحة قائلة بفرحة :_ سمعت عن حضرتك كتير من مليكة وماما
عدي بستغراب :_ماما ؟!
قالت بخجل :_أنا بنادى لطنط آية ماما بناء على رغبتها وأحساسي نحيتها كدا
إبتسم قائلا بجدية :_طب تمام أوى أسمعى بقا الكلمتين الا جاى أقولك عليهم
أنصتت له جيداً فسترسل حديثه قائلا بأبتسامة صغيرة :_صحيح أنا وعمر تؤام بس هو بيختلف عنى كتير ..عمر قلبه من دهب لما بيحب بيحب بجد أفتكر وأحنا صغيرين تصميمه على أنه يكون مختلف عن الكل كانت أبسط أحلامه يكون دكتور ويعالج الناس عمر فعلا مختلف عن الكل عمره ما كان أنانى أو حب التكبر بالعكس قررته دايما بتكون من القلب بقولك الكلام دا عشان تتأكدى أنه بيحبك بجد ووصوله للجنان دا بسببك أينعم أنا معتش عارف استحمله بس كلها كام أسبوع ويغور عنى أقصد يتجوز يعنى ..
تعالت ضحكاتها بسعادة لما أستمعت له فرفع عدي عيناه ليرأها أخيراً قائلا بسخرية :_بتضحكى أوك بكرا تشوفى وتقولى أخويا الكبير حذرني من الواد دا ..
لمعت دموع الفرح بعيناها فرددت بهمس :_أخويا
أجابها بصدمة مصطنعه :_أي دا يعنى هى ماما ومليكة أختك وأنا إبن الجيران تصدقى أنا غلطان كنت هقف معاكى ضد الحيوان دا لو عمل حاجه
:_لااا طبعا أنا فرحانة لأنى كان نفسي يكون ليا أخ
قالتها نور بدمعة حارة على وجهها فأبتسم قائلا بجدية :_والأخ دا قدامك أهو أنتِ دلوقتى ذى مليكة بالظبط يوم ما تحتاجينى متتردديش ثانية واحدة ...
كان على بعد مسافات قليلة منهم يستمع لأخيه بسعادة وإحترام فعدي يكبر بأنظاره يوماً بعد يوم يشعر بأن الفارق بينهم كبير للغاية ليس دقائق بل أعوام ...
خرج عدي بعدما زرع الفرحة بقلبها ليجد شقيقه بالخارج يتطلع له بفرحة ، نظراته تحمل الكثير من الحديث المكبوت ..
رفع يديه على كتفيه قائلا بثبات :_مبروك دخولك عرين الزوجية
تعالت ضحكاته قائلا بحزن مصطنع :_لسه كتير دا مجرد كتب كتاب بس
عدي بغضب :_أحمد ربنا يا أخى غيرك لسه موصلش للمرحلة دي
تعالت صدمات عمر ليقول بزهول :_غيرك ! الا هو أنت ؟؟!!
لا فاهمني أنت لقيت رحمة
إبتسم الوحش إبتسامته المثيرة مشيراً بعيناه فاكمل عمر بحماس:_أذي
ربت على كتفيه قائلا بثبات :_بلاش عشان أنت داخل على جواز والعملية عندك مش ناقصة جنان
عمر بصدمة :_للدرجادي ؟؟
عدي بتأكيد :_وأكتر
أبتلع ريقه بصعوبة من تفكيره بالأمر قائلا بلهفة ؛_بعد الحفله هعرف
تركه وغادر قائلا بمكر :_أفكر
وقف يتأمله بغضب ولكنه أنفض عنه أي أفكار وتوجه لغرفتها ..
********__________****
توجه لغرفته ليجدها تعتلى طريقه فتجمدت الدماء بعروقه حينما تذكر رسالتها ..
أسيل بخجل شديد :_بعتلك رسالة على الواتساب شوفتها ؟؟
ما أن ذكرت كلماتها حتى جذبها من معصمها بقوة لغرفته ثم أغلقها سريعاً ...
تطلع لها بشرارة تكاد تلهب الغرفة بأكملها فخرج صوته المزلزل :_أنا حذفت الرسالة وهلتزم الصمت عن الا سمعته
سألته بستغراب :_ليه يا عدي ؟!
زفر قائلا بغضبٍ جامح :_أسيل أنتِ عارفة كويس أنتِ بالنسبالى أيه ؟بلاش تعيشى بوهم أنتِ مش أده
فر الدمع من عيناها كشلالات عميقة قائلة بحزن شديد :_بس أنا بحبك أوى
رفع يديه بقوة كبيرة حطمت الزجاج من خلفها فصرخت بخوف ..رفعت عيناها لتلتقى بعين الوحش الثائر قائلا بنبرة كالموت :_أخرجى من هنا
ثم رفع يديه المملؤة بالدماء :_عارفة لو سمعت الكلام دا تانى هعمل فيكِ أيه ؟
تطلعت له بدموع قائلة بنبرة تحتضم الحطام والكسرة :_مقدرش أوعدك ..
قالت كلماتها الأخيرة بعدما توجهت لباب الغرفة ...خرجت والدموع تلحقها كأنها لعنة مميته تود الفتك بها ..أما هو فجلس على الفراش يشدد على شعره بغضب من تلك الفتاة التى تتابع وهم قاسي وتترك عاشقها المحبب ..تزرع الجراح بقلبه وهو يستقبلها بصدر رحب...
بالخارج
توجهت لغرفتها بدموع رأها ياسين الجارحي ليخمن الآن ما الذي يحدث لها ؟ ...
********__________*******
بغرفة رعد
دينا بصدمة :_أنتِ مجنونه صح ؟؟؟
داليا بدموع :_ليه؟! عشان بقولك مش شايفاه غير مجرد أخ
دينا بستغراب :_بس أنا كنت بشوف الحب فى عيونك لجاسم من وأنتِ صغيرة
:_يا ماما فى فرق بين الأحترام والحب وأنا بحترم جاسم بس دا مش معناه أنى بحبه
قالتها داليا بعدما تركت المقعد وجلست جوار والدتها على الفراش ..
لم تجد كلمات تتفوه بها فقالت بهدوء "_يا بنتى راجعى نفسك جاسم شاب كويس مش هتلاقى حد يحبك قداه وبعدين أنتِ كدا هتعملى مشاكل بين أبوكى وأدهم الكل عارف أن النهاردة كتب كتابك مع عمر
صدمت من حديثها فقالت بدموع :_يعنى عشان متحصلش مشاكل أتجوز واحد مبحبوش
قاطعتها قائلة بلهفة :_لااا يا بنتى مقصدش الكلام دا بس يا حبيبتى أيه الا مش عاجبك بجاسم ؟
صرخت قائلة بغضب :_يوووه يا ماما مش بحبه شايفاه ذي رائد وياسين وعدي والكل شايفاه أخ هتجوزه أذى داا ؟؟؟؟
تفاجئت دينا حينما وجدت رعد يقف خلفها ولكنها تطلعت له بحزن من القادم ..
داليا بصدمة :_بابا !!
رعد بهدوء :_من أمته وأحنا بنغصب عليكم حاجة
قالت بأرتباك وعيناها أرضاً :_أنا
قاطعها بأشارة من يديه قائلا بحذم :_أعتبرى الموضوع منتهى روحى على اوضتك
أنصاعت له وتركت الغرفة ..أقترب رعد من دينا الباكية رافعاً يده على كتفيها بحنان فرفعت وجهها المنغمس بدموع :_هو ليه بيحصل مع أولادنا كدا يا رعد ..رائد والا بيحصل معاه ودلوقتى داليا هو مش مكتوبلنا نفرح ؟؟!
جلس لجوارها محتضنها بحنان فهو يعانى مثلها ولكن عليه الصمود ...
أخرجها من أحضانه قائلا بهدوء :_وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيراً لكم نسيتى كلام ربنا ولا أيه يا دينا
اجابته بهدوء :_ونعم بالله
أكمل حديثه قائلا بثبات :_وبعدين مالهم أولادنا داليا مشكلتها بسيطة ورائد الحمد لله أحنا كنا فين وبقين فينا وأن شاء الله رانيا تقدر تسامحه
رددت بأمل :_يارب يا رعد
أحتضنها هامسٍ بصوته الرجولى العميق :_ يارب يا حبيبتى
*******________********
وقفت أمام الغرفة بتردد تقدم قدمٍ وتأخر الأخرى ...ذكريات تهاجمها من الماضى المغموس بالعشق والوجع ..لمع حديث آية برأسها أن عليها تخطى الماضى من أجل إبنتها ..خطت للداخل فتطلعت للغرفة بصمتٍ قاتل ...تتعيش مع ذكرياتها المعتقة بالعشق ولكن سرعان ما قلبت لذكريات مريبة جعلت قلبها ينبض بعنف لذكرى هذا اليوم ..
فلاش بااااك
عاد من الخارج يبحث عنها بعيناه إلى أن وقعت عيناه عليها وهى تجلس بالتراس ،.أقترب منها فأحتضنها هامساً جوار أذنيها :_ وحشتينى
أبتسمت بفرحة لسماع صوته فأستدارت لتتقابل مع عيناه الرومادية ...تطلعت له بخجل شديد من نظراته الخبيثة ثم قالت بتوتر :_بتبصلى كدا ليه ؟
رفع يديه يحتضن وجهها تاركاً العنان لنظراته تنقل لها عشقه المتوج :_مش مصدق أن الجمال دا ملكى
تلون وجهها بحمرة الخجل فأبتعدت عنه قائلة بأرتباك :_أنا هدخل أخد شاور عشان نازله مع مليكة
رائد باستغراب:_ رايحين فين؟ رفعت يدها تزيح خصلات شعرها المتمرده على عينيها بفعل الهواء قائله بأرتباك من نظراته الفتاكه:_ رايحين نشتري شوية حاجات وداليا جاية معانا
قالت كلمتها الاخيره واختفت من امام عينيه اما هو فوقف يتأملها إلى أن أختفت من أمامه ....
جلس على الاريكه يتامل الاشجار من حوله ......الهواء العليل يتمرد على خصلات شعره الغزير فأغضبه كثيراً حتى أنه توجه للدلوف ولكنه توقف على صوت الهاتف تطلع رائد للطاوله بزهول حينما هاتفها يلمع برقم مجهول فألتقطه :_ألو
أغلق الهاتف بوجهه سريعاً فزع الشك بقلبه ...فتح السجل ليجد ما يصل لأكثر من عشر مكالمات باليوم الواحد وما جعل الغضب يلعب دوره المحسوم المحادثة بينهم على الواتساب ..
سمح لنفسه التجول بالرسائل السابقة فتعالت شرارة الجحيم ..ألقى بهاتفها أرضاً فتهشم كحال قلبه ثم دلف للغرفة يبحث عنها كالمجنون ..
خرجت من المرحاض بعدما أرتدت ثيابها وبيدها الحجاب فتفاجئت به يصيح بأسمائها بجنون ..
أقترب منها ليقف أمام عيناها فتطلعت له بصدمة من رؤيته هكذا ...وقف يتأملها بصمت قاتل لا يقوى على التصديق لااا هناك أمراً خاطئ ولكن عقله لم يمنحه السكينة ربط أرتباكها بالفترة الماضية وتصميمها بالخروج الزائد عن الحد مع ما حدث منذ قليل فأصدر القرار بأنتساب تلك الكلمة القاتلة لها "خائتة " يا لها من خنجر طعنه بقسوة بدون رحمة أو شفقة لعشق ذرع بالقلوب ...
أنهى حديث العينان بصفعات قوية لم تتوقعها منه ..وقفت تطلع له بصدمة ألجمتها عن الحديث حينما شرع لها بتلك الكلمة ثم أنهال عليها بكم من اللكمات المبرحة ...
أنت تقرأ
أحفاد الجارحي.. 3 .. الوحش الثائر... للكاتبة أية محمد
Romanceالوحش الثائر... الجزء الثالث من أحفاد الجارحي... بقلم ملكة الإبداع أية محمد.... جميع الحقوق محفوظة للكاتبة