ضِعتُ في أفكاري عن طريقة لمواساتها و لم أجد سوى العناق وسيلة لِتهدأتها على الأقل ، و قد خمَّنتُ من جُملتها الأخيرة أنها تُشيرُ إلى إلياس و أن شيئاً ما حدث بينهما البارحة لكنِّي لم استطع سؤالها عن ذلك ، فقد بدتْ مُحطمة و منكسرة للغاية ... رقيقةٌ لدرجةٍ قد تَهُفُّهَا نسمة .

لم تَعُدْ كيندال إلى منزلي و عوضاً عن ذلك ذهبتْ إلى شقتها . عَرَضتُ عليها أن أجيءَ معها لكنها رفضتْ و طلبتْ منِّي أن أدعها لوحدها . خفتُ أن تفعل أو يحدث لها شيءٌ سيّء لذا انتظرتُ صباح الْيَوْم التالي و ذهبتُ إليها لكن لم تَكُنْ سيارتها مركونة أمام العمارة ، و اعتقدتُ أنها ذهبتْ للمشفى فلا مكان غيره ستذهبُ إليه .

عندما وصلتُ إلى المشفى كان لغطُ الأطباء يعمُّ الأرجاء و لم أكترث كثيراً لأمْرهم و توجهتُ نحو مكتب كيندال الذي كان عارم الفوضى . وجدتها تقوم بتوضيب حاجياتها و ترتيبها بِتعابيرها الذابلة التي سكنتْ وجهها منذ يومين . أخبرتني أنها قد قدمتْ استقالتها لِـ الطبيب ألين قبل مجيئي بوقتٍ قصير ، و سألتُها عن سبب ذلك لِتُجيبني بغير اهتمام " ستعرفين السبب عندما تستمعين لما يتناقله الأطباء فيما بينهم " .

حينها علمتُ أن المشفى كُلُّه يعرفُ بالأمر ما عداي ، فالهمهمة كسحتْ الجو العام لخمسةِ أيامٍ متتابعة ، و كيندال بقتْ في شقتها لا تُريدُ الخروج أو رؤية أحد . كنتُ أطلُّ عليها كل يوم لأقدم لها الطعام ، مُتابِعةً حالتها حتى أقنعتها أخيراً أن تبيتْ في منزلي .

في الوقتْ الذي كنتُ أقضيه في المشفى كانتْ كيندال تخرج - بعدما تحسنتْ حالتُها قليلاً - إلى أماكن مجهولة بالنسبة لي ، و كلما حاولتُ سؤالها عن ذلك تقول بأنّي سأعرفُ ذلك لاحقاً .

بعد عدة أيام طلبتْ منِّي كيندال أن آخذ حالة دانييل و بأنها عرفتْ طريقة لُتخْرِجُه بها ، و علمتُ حينها أن الوقت الذي قَضَتْهُ في الخارج كان من أجله . و بالفعل طلبتُ من الطبيب ألين - الذي يبدو حزيناً بِشكلٍ ملاحظ - أن يُعيدني إليه و حاولتُ إخفاء أي أمرٍ مشبوه ، و عندما قَبِلَ بذلك ذهبتُ للطابق الثاني فوراً لكن ما كان يُقلقني أن يتحدث إلياس معي بشأن كيندال ؛ لأنها قد أصرتْ كثيراً على ألّا أُخبره بشيء إن سأل عنها .

سرتُ سريعاً نحو سرير دانييل و مع ذلك لم أستطع ألَّا أنظر ناحية إلياس الذي رفعَ رأسه بتعابير متفاجئة ، مُغلقاً كتابه و مُحاولاً التحدث معي ؛ لكنِّي لم أدعهُ ينال ما يُريده و جلستُ بجانب سرير دانييل .

كان دانييل مُتعجباً من قدومي و تعابيرُه بدأتْ بالإنقضاب حتى قدَّمتُ له رسالة كانت كيندال قد كتبتها له خصيصاً و بدأ بقرائتها . كان مكتوب فيها أنها وجدتْ حلاً يُخرجه من المصحّة ، و لِكون كيندال ليستْ في المشفى سيكون صعباً ، لذا عليه أن يثق بي .

وَ كَأنَّها مَنسِيَّة - يوميات طبيبة نفسيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن