الترياق العاشر
احمرَّت وجنتيها خجلًا وهو يلتقط كفها الأيمن ويلبسها واحدة الأساور التي ابتاعها بالأسبوع السابق، حاولت صبّ جمّ تركيزها عليها كي لا تصطدم نظراتها به غلطًا؛ فيزداد خجلها، تشعر أنه أكثر أريحية من السابق، فبزيارته السابقة كان يحدثها دون أن يرفع عينيه، بينما الآن يختلس لها النظرات، وكم أصابها الحرج وعيناها تتقابل مع عينيه بعدما عقد المأذون قرانهما مباشرة!!
تنهدت براحة فور انتهائه، ليلتقط فعلتها فمال عليها قليلًا يسألها بخفوت:
- ياه.. للدرجة دي؟!
احتقن وجهها بحمرته وأشاحت خجلًا إلى الجهة الأخرى، فتسارعت دقات قلبه إثر التقاطه لخجلها العفوي، هذا ما كان يتمناه لا أكثر.. امرأة يتغنى الحياء فخرًا أنها تتشح بثوبه كلمَّا استدعى الموقف.. ماذا كانت ستفيده عذريتها المسلوبة رغمًا عنها؟! أهو أحمق لينساق خلف عادات مجتمع عقيم في تفكيره ويتجاهل ما تقرُّه أفعالها ويقصُّه حياؤها من عفاف؟!
أنارت الابتسامة وجهه وهو يدرك تهربها منه، ولكن أين ستهرب وقد حان دوره لتلبسه خاتمه الفضي الذي انتقاه بدلًا عن الحلقة المدورة الفارغة، قدم إليها يده ورفعها أمام وجهها بمرح جعل ضحكات الحاضرين ترتفع:
- بوسي!
ابتسمت والتفتت إلى الجهة الأخرى تخفي ابتسامتها عنه، فخفض يده وقد نجح في تغيير جوها قليلًا، فالتقطت الخاتم من شقيقته وبدأت تلبسه له، لتعجز في بداية الأمر بسبب ارتعاش كفيها؛ فشرع في مساعدتها بعدما أحكم على كفها بقبضته وضغط عليه بيسر هامسًا بحنان:
- متتوتريش.. اهدي مفيش حاجة.
كلماته جعلتها تشعر بالامتنان تجاهه، لا تعلم كيف له أن يكون مراعي لأبعد الحدود، ومتفهم إلى هذه الدرجة! أهذه حلاوة البدايات أم أن الشيخ سيبقى كما هو عليه، فقط لو يبقى، سيكون الأمر أكثر من رائع ولن ينغص عليها شيء.
نهضت والدته وعمته وعدة نساء وبدأن في الرقص على دقات الدف الذي أشعلته شقيقته، حاول أواب منع أمه من فعل ذلك ولكنها أبت وتجاهلته كما تفعل دائمًا، غمره الخجل وهو يرى إحدى النساء ترقص أمام والدته فغضَّ بصره عنها ونظر إلى الجهة الأخرى يبحث عن أي من الرجال، ولكن جميعهم قد انصرفوا، فقد أوشك الحفل على الانتهاء، اقتربت شقيقته تجذب ريهام التي اعترضت بشدة ولكنها أصرَّت عليها فنهضت ووقفت تصقف بيدها تحت أنظار أواب المتابعة لها،
تابعها هي ووالدته وقد جلست المرأة الغريبة فور قيام العروس لتعطيها المساحة، فتارة يتأملها كي لا تشعر بعدم اهتمامه، وتارة أخرى يخفض بصره حياءً من النساء الملتفات حوله، تأمل فستانها الأبيض وخمارها المماثل له في اللون بإعجاب، فقد رافقتها شقيقته باليوم التالي من شراء الذهب واشترته برفقتها وكم لاق بها الأبيض الشاحب هذا! للمرة الأولى يرى عروسّا دون مستحضرات التجميل التي يتكلفون في التزين بها. أخفض رأسه وهو يرى التفاف النسوة للرقص حول العروس وما أن جلست جواره حتى مال عليها هامسًا:
أنت تقرأ
لطيفها عاشق
Mystery / Thrillerتجمعت الدموع بعينيها وتسارعت دقات قلبها جاهدة لتلاحق أنفاسها الحارة التي لم يبغض أكثر منها في هذه اللحظة ثم همست برجاء وصوتٍ بُح من كثرة البكاء -عبدالرحمن التقطت مسامعها زمجرته الخشنة السابقة لنوبة غضبه التي اختبرتها سابقًا فسارعت تهتف إليه برجاء...