الترياق السادس
ارتسمت ابتسامة ارتياح على وجه والدة أوَّاب عقب جلوسها في عقر دار أهل ريهام، شعرت بالراحة تغمرها عقب مقابلتها لوالدتها التي رحبت بها فور شعورها بأنها جاءت لابنتها في خطبة، بالحقيقة لم تستطع تكوين شيء عن شخصية المرأة بعدما فتحت لها باب البيت الذي دلها الجيران عليه، ولكن بعد جلوسها وسؤالها لها عن ابنتها خمنت أنها جاءت لأجل خطبة فاستقبلتها بترحاب حار.
ابتسمت والدة أواب في وجهها ورددت بحبور وخجل لرؤيتها كأس العصير الذي تحمله بين يديها:
- ليه كدا تعبتي نفسك يا حاجة.. ملوش لزوم والله.
لتستنكر والدة ريهام قولها وتحدثها وكأنها تعلمها منذ زمن، لا كما الواقع أنها تراها للمرة الأولى:
- إزاي بقا.. هو إحنا لينا بركة إلا أنتِ
ابتسمت إليها بصدق ثم استعجلت في حديثها بقولها:
- أنا عندي ابني اسمه أواب.. عنده تمانية وعشرين سنة.. عنده محل أدوات منزلية كبير أوي والحمد لله شغله كويس.. والله يا حاجة مش عشان ابني بس يا بختها اللي هياخدها.. أدب وتدين واحترام وجمال وحنية الدنيا كلها فيه.
وقعت كلماتها على الأخرى أجمل موقع، فكانت ابتسامتها تتسع مع كل كلمة تنطقها وكأنها وقعت على كنز ثمين.
لتتابع والدة أواب بحماس:
- إحنا سمعنا عن بنتكوا وأدبها وأخلاقها.. وحابين نناسبكوا.
أجابتها على الفور بقولها :
- دا شرف لينا يا أم أواب.. انتو تؤمروا.
استقر الارتياح بقلب أم أواب فور شعورها بميل أم العروس لها فصاحت وهي تتلفت حولها بحذر:
- أومال فين عروستنا القمر؟
توترت المرأة قليلًا دون أن تبدي لها ثم نهضت معلقة وهي تقف:
- هروح أناديها وآجي.. سايباها بتغسل الأطباق.
قالت جملتها الأخيرة كاذبة، فابنتها كانت مستلقية على فراشها في ذاك الوقت تقرأ بمصحفها، ووالدتها ارتأت أنها لو ادعت قيامها بأعمال المنزل كذبًا سيكون أكثر إغراءً لوالدة العريس من قراءتها للقرآن، فاختارت ببلادة ما قالت وما لبثت أن دلفت الغرفة على ابنتها تأمرها
- قومي البسي حاجة حلوة وتعالي اقعدي معانا برا بسرعة.
عقدت ريهام حاجبيها باستغراب لتسألها
- ليه مين برا؟
- أم عريس جاية تشوفك
أجابتها ببرود لتنصعق من حديث والدتها وتسألها باندهاش:
- أنتِ بتقولي إيه يا أمي؟ بتقولي إيه؟
زجرتها بعينيها وهي تردد بقوة قبل أن تخرج من الغرفة:
أنت تقرأ
لطيفها عاشق
Mystery / Thrillerتجمعت الدموع بعينيها وتسارعت دقات قلبها جاهدة لتلاحق أنفاسها الحارة التي لم يبغض أكثر منها في هذه اللحظة ثم همست برجاء وصوتٍ بُح من كثرة البكاء -عبدالرحمن التقطت مسامعها زمجرته الخشنة السابقة لنوبة غضبه التي اختبرتها سابقًا فسارعت تهتف إليه برجاء...