كانت السماء مظلمة في ذاك اليوم ، تغطيها غيوم كثيفة تخفي حتى ضوء القمر ، أصوات الطلقات النارية تعلو بين اللحظة و الأخرى ، تختلط مع صرخات النساء والأطفال الذين يسقطون في الخندق العميق بلا أمل الجنود يتحركون بلا رحمة ، وكأنهم آلات مبرمجة على القتل دون تضييع ثانية الخندق كان ممتلئا بالجثث ، بينما الجنود يدفعون المزيد من الضحايا ببرود
و في وسط هذه الفوضى ، كان هناك طفل صغير ، لا يتجاوز السابعة من عمره ، يقف متجمدا في مكانه ، يحمل مسدسا أكبر من يديه المرتعشتين ، دموعه تنهمر بلا توقف ، بينما عينيه تغرقان في مشهد الجثث أمامه كان جسده يرتجف ، وقلبه ينبض بسرعة مرعبة
"أبي... أنا لا أستطيع فعل ذلك..."
نبس بصوت متهدج ، متوسلا للرجل الذي يقف بجانبه ، الرجل الذي كان يشع من ملامحه قسوة لا يمكن وصفها
نظر الأب إليه بعينين باردتين ، ثم أمسكه من ياقة قميصه الصغير ورماه بقسوة على الأرض ، ارتطم جسد الطفل بالأرض بقوة ، وشعر بألم في كل جزء من جسده لكن لم يكن ذلك كافيا للأب ، فقد ركله بوحشية على رأسه مرات متتالية ، دون أن يظهر أي شفقة
"ستفعل ما أخبرك به هيونجين! عليك ان تجعلني فخورا عليك ان تكسب ثقة السيد كيم و تكون رقم واحد"
همس له بصوت مليء بالتهديد ، بينما يميل برأسه قرب أذن الطفل الملقى على الأرض
"إن لم تفعل والدتك...والدتك ستدفع الثمن ، و أنت تعلم أنها لن تتحمل ذلك"
توقف الزمن لهيونجين ، كل شيء حوله كان يغرق في ضباب من الخوف والألم ، تذكر وجه والدته المعاقة ، وتخيل ما قد يحدث لها إن لم يستجب ، كان يعلم أن والده لا يمزح
نهض ببطء ، يده ترتجف بشدة وهو يمسك بالمسدس ، بينما الدم ينزف من جبهته حيث ركله والده ، الدموع كانت تغطي وجهه الصغير ، لكنه لم يكن يجرؤ على التوقف ، وقف أمام المرأة الحامل التي كانت تجلس على الأرض ، عيناها مليئتان بالرجاء و الخوف في نفس الوقت
"لا... لا أستطيع..."
همس لنفسه ، لكن صوت والده في الخلف كان يشده نحو الهاوية
"أطلق النار ، هيونجين! افعلها الآن!"
تحت ضغط والده والتهديد الذي يحيط به من كل جانب ، رفع المسدس ببطء ، يداه ترتعشان بشدة ، كانت المرأة تنظر إليه بعينين مملوءتين بالدموع ، وكأنها تتوسل إليه أن يرحمها ،لكنه لم يكن يملك القوة لرفض أمر والده و في لحظة يأس ، و مع خفقان قلبه السريع ، ضغط هيونجين على الزناد
الصوت كان مدويا و والرصاصة اخترقت جسد المرأة لحظة صمت تلت ذلك ، وكأن العالم توقف ، قبل أن يسقط جسد المرأة في الخندق بجانب الضحايا الآخرين......