كانت السماء الملبدة بالغيوم تبكي بماءها ، و الهواء البارد يحمل معه رائحة العشب الرطب و الطين الشتوي وقفت هايين على حافة الشرفة بينما هيونجين يمسك بها من خصرها ، و تلاقت نظراتهما في تلك اللحظة عيناه الحادتان تخترقان أعماقها ، فيما كانت عيناهما تتكلمان بلغة لا تحتاج إلى كلمات ، القمر الذي ظهر بين الغيوم الملبدة كان يلقي بضوءه على ملامحها المتوترة ، ويعكس بريقه على وجهه الذي بدا جامدا لا يظهر أي مشاعر و قد كانت الفجوة بينهما يضيق شيئا فشيئا ، كلما اقترب هيونجين منها ، كان شعور غريب به ، شيء لم يستطع تفسيره
اقتربت شفتيه من وجهها ، و قد كان يشعر بحرارة جسدها رغم برودة الجو ، كان كل شيء من حولهما يبدو وكأنه يتباطأ ، كأن العالم توقف عند تلك اللحظة لكن فجأة شعرت هايين بركلة قوية في بطنهاو، وكأن الجنين داخلها يحاول إيقاظها من سباتها تأوهت بصوت خافت مكشرة ملامحها ، ويدها تحركت بسرعة لتلمس بطنها و تمسح عليها برقة ، الألم كان واضحا على وجهها
توقف هيونجين عن الاقتراب ، عاد وعيه اليه وكأن ركلة الجنين لم توقظ هايين فقط ، بل أيقظته هو أيضا ، نظر إلى بطنها بحيرة للحظة متسائلا عن السبب الذي جعله ينسى كل شيء في تلك اللحظة ، كانت تلك اللحظة أكثر تشبيكغ مما توقع ، كان يريد أن يقول شيئا ، أي شيء ليكسر الصمت الثقيل بينهما ، لكنه لم يجد الكلمات المناسبة
و بدون تفكير ، دفعت هايين هيونجين بعيدا عنها ، تراجعت بسرعة إلى داخل الغرفة ، قلبها ينبض بسرعة ويدها ما زالت تمسك بطنها ، زفر هيونجين ليدخل خلفها بخطوات ثابتة ، عيناه لا تزالان تتابعانها بصمت ، فتح خزانة الملابس بهدوء و صما وأخرج فستانا دافئا يليق بالجو ، رماه عليها دون أن ينظر إليها مباشرة
بصوت هادئ يتخلله نوع من البرود نبس
"جففي نفسك الحمام ها هو ، وكوني جاهزة للعشاء ، لن ننتظر طويلا لديكي 10 دقائق"
لم تكن هناك حاجة لتكرار الأمر ، اكتفت فقط بالإيماء له و أخذت الفستان بين يديها ، بينما المطر الذي كان قد بدأ يتساقط بغزارة في الخارج يعكس الحالة الفوضوية التي تعيشها في داخلها ، كل شيء كان غامضا ، كل شيء كان غير مؤكد......
Hyunjin's pov :
عندما امتدت يدي لتستقر على خصرها شعرت بتوترها ، كيف يمكنها أن تكون هادئة بينما أنا قريب بهذا الشكل؟ لم أكن أفكر بشكل واضح ، كنت مدفوعا بشيء ما ، شيء جعلني أريد أن أقترب أكثر ، أن أشعر بحرارتها رغم البرودة المحيطة.....نظرت إلى عينيها ، تلك النظرات التي كانت مليئة بالخوف والحيرة ، اعني لم أكن متأكدا مما إذا كان هذا ما أريده حقا ، لكن لم أستطع أن أتوقف ، كانت المسافة بيننا تضيق بشكل لا إرادي ، كل شيء حولي تلاشى ، لم يكن هناك سوى انا
لكن فجأة شعرت بحركة غير متوقعة ، ركلة في بطنها ، صرخة خافتة ، وتغيرت كل الأجواء....عقلي عاد بسرعة إلى الواقع ، ماذا كنت أفعل ؟ كيف سمحت لنفسي بأن أقترب هكذا ؟ كانت تلك اللحظة كافية لإيقاظي من غفلتي ، كانت كأنها صفعة على وجهي لتعيدني إلى وعيي.
ثم رأيتها تدفعني بعيدا ، لم أقاوم ، تابعتها بنظري و هي تسرع بالدخول إلى الغرفة ، حاولت أن أفهم ما الذي كنت أفكر فيه قبل لحظات ، دخلت خلفها و شعرت بالبرد يحيط بي من جديد ، لكن هذه المرة لم يكن من الجو ، بل من داخلي...
End of HYUNJIN'S pov :
في مكتبه الهادئ كان هيونجين غارقا في أفكاره حتى قاطعته الخادمة التي دخلت باحترام وقالت
"سيدي السيد هان جيسونغ هنا"
نهض هيونجين بسرعة ، وتوجه إلى الطابق السفلي حيث وجد هان جيسونغ الذي ليس من المفترض ان يكون هنا جالسا على طاولة الطعام ؛ تبادل الاثنان التحيات ، ثم بدأ النقاش بينهما بشكل طبيعي ، حتى دخلت هايين برفقة الخادمة ، وجلست بهدوء على الطاولة و مر بعض من الوقت
لاحظ هيونجين أنها لم تأكل ، فسألها ببرود
"لماذا لا تأكلين هممم؟"
ردت هايين بصوت خافت
"لست جائعة لذا...."
تجمدت الأجواء حول الطاولة ، وجعل هذا الرفض الجو ثقيلا ، تحمحم هان و حاول تخفيف التوتر ، فنبس مبتسما
"لنتحدث قليلا هايين ، لما لا تاكلين و على ما ارى بطنكي منتفخة واااه يجب ان تنتفخ اكثر كي تتاكدي من ان طفلكي بحالة سليمة لذا يجب ان تتناولي ايتها الشجاعة!""
أضاف مرة اخرى و هو يحاول إدخال بعض المرح
"قد تكون الوجبة ليست من نوع الطعام الذي تحبينه، لكن لا ترفضي المحاولة"
ابتسمت هايين بشكل خافت على لطافته و قبلت الطعام الذي قدمه لها هان ، كان هيونجيت يراقب بعينان باردتان ابتسامتها.....لكن تلك الابتسامة جعلت غضب هيونجين يتصاعد ، فجاة و دون ان ثدرك قام بضرب الطاولة بقوة ، مما جعل هان وهايين ينتفضان من مكانهما ليصرخ
"خارج! الآن!"
كان صوته حادا ويعبر عن الغضب ، مما جعل هان يعقد حاجبيه و نهض بغية الكلام لكن توجه هيونجين إلى هايين و أمسك بها من كتفها بقوة و سحبها نحو جناحه الخاص ، دخل بها إلى الداخل وأغلق الباب خلفه بحدة نظر إليها بنظرات مليئة بالغضب
نبس بصوت عميق وصارم بينما يقترب منها
"لماذا ترفضين الطعام هممم؟ هل تعتقدين أن تصرفاتك ستغير شيئا هنا؟ و ماذا تستجيبين لكلام صديقي! انسيتي انكي متزوجة ايتها اللعينة بينما لم تستجيبي لي"
كانت ستتراجع لكنه أمسك بشعرها بقوة و جذبها نحوه ، مما جعلها تتأوه من الألم وقال بصوت خافت مليئ بالتهديد
"اقسم اذا حاولتي معارضتي مجددا ، ستكونين في وضع أسوأ بكثير و لا تتظاهري بالقوة ، فأنا لا أرحم"
القا بها على الفراش ثم فتح الباب وخرج مغلقا إياه بقوة وأقفل المفتاح ، ليصرخ على الخدم
"لا تفتحوا هذا الباب ابدا ، وإذا خالف أحد أوامري ، سيتمنى الموت لانهاء عذابه"
اقشعر جسد الخدم و انحنوا بسرعة قبل أن يغادر تماما أضاف نظرة أخيرة إلى الباب ونطق بصوت بارد
"لا تظني أنني سألين ، انا هنا لأضع الأمور في نصابها ، ضعي هذا في راسكي جيدا"
ثم غادر الجناح ، تاركا إياها وحدها في الظلام ، مع مشاعر الخوف والتوتر التي تملأ الغرفة