الفصل السابع (الخدعة)

142 29 18
                                    

الفصل السابع

(الخدعة)

مرت لحظات من الفراغ الرهيب وهو يحدق بجسدها المسجى على الأرض وقد انعقد لسانه وتجمدت أطرافه... لحظات اسودت بها الدنيا من حوله بينما ضل نور غريب ينبعث من وجهها الملائكي الملامح الذي بدأ يشحب شيئا فشيئا بعد أن خيم عليه شبح الموت...

أظلمت عيناه، تيبست أطرافه وشعر بأنفاسه تنقطع وهو يسحب الطبيب من ياقته ويرجه بقوة كادت تكسر عظامه وهو يزمجر كأسد جريح:

- افعل أي شيء هيا... أعدها... أعد لها أنفاسها قبل أن أقطع أنفاسك...

أشاح الطبيب بوجهه عن نظراته المرعبة وهو بالكاد يجاهد ليقول موضحا:

-لم يعد بإمكاننا فعل أي شيء... لقد تعرضت لأزمة قلبية...

صمت لبرهة ثم تابع وهو يحاول الإفلات من قبضة الشبح:

-يبدو أن السيدة كانت تعاني من فوبيا الأماكن المظلمة وعقلها لم يتحمل وجودها بذلك المكان فكانت إشاراته للجسد قوية على نحو لم يتقبله قلبها...

أنا آسف سيدي...

دفع بالطبيب بعيدا وهو يجثم على ركبتيه بجانبها قبل أن يدمدم بصوت أدخل الرعب في قلوب من حوله وهم ينسحبون هربا من مرمى نظره:

-اخرجوا جميعا...

بقي بمفرده معها...يتأملها تارة ويفرك وجهه بقوة تارة أخرى ثم انحنى ليحملها بين ذراعيه ويقف بقوة وعيناه تتسعا نظرا لها كأنما يرغب بسحبها الى داخلهما...

مشى بخطوات متثاقلة نحو جناحه وهو يقربها إلى صدره ضاغطا بقوة عليها كلما استعاد صرخاتها الأخيرة وهي تطلب منه أن يخرجها من تلك الغرفة المظلمة...

دفع الباب بقوة وأدخلها ليمددها على فراشه وقد ارتجف جسده عندما استشعر برودة أطرافها...

جثا على ركبتيه وهو يسحب يدها ليضغط عليها بين يديه ويدفن وجهه بداخلها وهو يتمتم بصوت يكاد يختنق داخله:

-لا يمكن أن تذهبي هكذا... لا يمكن أن تفعليها ... هيا استيقظي...

انسحبت دمعة حارة من عينه بللت يدها وهو يقول بأنفاس متقطعة:

-أنا لم أضعك هناك لتموتي... وضعتك لأبعدك عن نظري... لأحميك مني... ماذا يعني أن تستسلمي بهذه السهولة؟

أنا... لازلت أبحث عن عذر لك لما فعلته... لا زلت لا أصدق خيانتك...

هيا استيقظي لتبرئي نفسك... استيقظي لتمنحيني سببا لمسامحتك... لا يمكنك أن تكوني جبانة على هذا النحو...

دفن رأسه على صدرها ليتحسس فجأة عقدها الذهبي بين ملابسها فرفع يمناه يسحبه عن عنقها بينما يرفع بيسراه رأسها عن الوسادة...

لوهلة استعاد اليوم الذي أعاد لها عقدها به... كانت ملامحها تعج سعادة وحياة بينما تنام الآن وقد فارقتها الروح بسببه... لا يستطيع أن يفكر كيف سيتحمل إحساس فقدانها وشعور الذنب بأنه السبب بموتها... لا يستطيع تحمل أن تقسو عليه الحياة على ذلك النحو...

الشبح (مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن