الفصل الخامس والثمانون

46K 2.5K 1.1K
                                    


باعتذر عن التأخير في النشر، بدأت الكتابة متأخر


الفصل الخامس والثمانون

ارتكن بظهره على الجدار الممتد لمدخل بنايته، بعدما انسحب بهدوءٍ من العزاء مستندًا على عكازيه الطبيين، بقي "تميم" لدقائق بمفرده، مترقبًا عودة رفيقه إليه، ونظراته تدور على الأوجه المارة من حوله. النظر في وجهه في تلك اللحظة يعني رؤية كافة تعابير الغضب، كظم ما يعتريه من مشاعر حانقة، ريثما تتضح له كافة الأمور الغامضة؛ لكن ما أراحه قليلاً معرفته لمكان اختفاء هذا النذل القاتل. انضم إليه "منذر" وهاتفه على أذنه، دون تأخيرٍ أنهى الاتصــال، وأخفض يده ليتطلع إليه، استطرد قائلاً دون مقدمات استهلاليةٍ:

-اتنين من رجالتي قريبين من الحتة اللي هو موجود فيها، هيسبقونا على هناك ويستنونا.

علق متسائلاً باستهجانٍ يشوب صوته وملامحه:

-واحنا إيه معطلنا؟ ما نطلع نجيبوه على طول ابن الـ (...) ده!

أجابه موضحًا له بقليلٍ من التعقل:

-يخلص العزا وهنتوكل على الله، مش عايزين نلفت النظر لينا يا "تميم"، وخصوصًا إن في كذا حد من الداخلية هنا.

نفخ في سأمٍ رافضًا المماطلة وإضاعة الوقت هباءً، فكل دقيقة تمر تعنى منحه فرصة للهرب قبل الإمساك به. وضع "منذر" يده على كتفه، ضغط عليه بأصابعه مؤكدًا عليه:

-وربنا ما هيتساب.

سأله "تميم" بنوعٍ من الفضول:

-قولي إنت عرفت مكانه إزاي؟

جاوبه وهو يدير رأسه للخلف:

-من "ناجي".

تقطب جبينه في دهشةٍ، لينطق لسان حاله:

-ناجي؟!!!

أومأ برأسه بالإيجاب، وأكمل مسترسلاً:

-أيوه، رجالته "شيكاغو" و"حمص" قالوا إنهم شافوه في بلده القديمة.

ظلت تعابيره مليئة بأمارات الاندهاش، في حين أضاف "منذر" بوجهٍ مزعوج:

-ده غير إننا مسكنا واحد من العمال عندك في الدكان، كان مشغله عين ليه عليك، يبلغه بكل خطواتك!!

احتقنت نظراته، وحلت غمامة غاضبة على تعبيراته عندما هتف في حدةٍ:

-كمان، واحد من رجالتي دلدول عنده؟ وبيخوني؟

استياءٌ صريح انعكس على وجه "منذر" الذي تابع:

-هانقول إيه بس، في ناس كده (...) مايطمرش فيها اللقمة، وبعدين "محرز" ده طلع داهية، محدش يتوقع إن المصايب دي كلها يعملها.

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن