مري (إدام)

  لمعانٍ أخرى، طالع مري (توضيح).

قوم يأكلون على مائدة. مقامات الحريري - مخطوط في مكتبة باريس، عربي ٣٩٢٩.

المُرِّيُّ نوع من الإدام المخمّر كان منتشرا في البلاد العربية في العصور الإسلامية الأولى.

ورد ذكر المُرِّيُّ في كثير من الوصفات التي جائت في كتب الطبخ العربي القديمة، وقد شبّبها بعض المعاصرون بصلصة الصوية الصينية.

في المعاجم

أمفورة «غارم» (المُرِّيُّ الرومي) من بومبي.

جاء في لسان العرب:

«المُرِّيُّ: الذي يُؤتَدَمُ به كأنه منسوب إلى المَرارَة، والعامة تخففه، قال: وأنشد أبو الغوث: وأُمُّ مَثْوَايَ لُباخِيَّةٌ - وعِنْدَها المُرِّيُّ والكامَخُ»

وقد عرف المري عند اليونان والروم باسم غارم garum وبالنبطية باسم مريا. غير أن الغارم يعمل عادة بالسمك، وقيل أن عمله بالسمك أصله يوناني، وقد أولع به الرومان، أما المري النبطي فكان يصنع من الشعير.

في كتب التراث

للجاحظ رسالة في المُرِّيُّ قال فيها:

«هو جوهر الطعام وروح البارد المستظرف والحار المستنظف. يصلح بالليل والنهار ويطيب البارد والحار، ويدفع المعدة ويشهي الطعام ويغسل اوضار الجوف الفاسدة وينشف البلغم ويذهب بخلوف الفم.»

وصفات

صفة عمل المُرِّيُّ - من كتاب الطبيخ للبغدادي.

جاء في ذيل مخطوط كتاب الطبيخ للبغدادي فصل عن عمل المري:

«فوذج (حبق أو نعنع بري) ودقيق من كل واحد خمسة ارطال، يعجن عجناً جيداً يغير خمير ولا ملح، ويخبز ويجفف، ويدق هو والفوذج ناعما، ويعجن في اجانة خضراء مع ثليثة ملحا، ويجعل في الشمس اربعين يوما في حر الصيف ويعجن كل يوم بكرة وعشية ويرش عليه الماء فاذا اسود جعل في برنية ويصب عليه مثله ما ويترك اسبوعين ويحرك طرفي النهار فاذا اخذ في الغليان ترك حتى يسكن فاذا سكن صفي واعيد الثفل الى الاجانة، ويترك في الشمس اسبوعين، وليكن عليه مثله ماء.»

«ثم يحرك طرفي النهار ثم يصفى على المري الاول، ويجعل معه دارصيني وزعفران وبعض الأفاويه الطيبة - فوذج دقيق حنطة أو شعير يعجن يابسا بماء حار من غير خمير ولا ملح ويقرض ويثقب ويلف في ورق التين وبكبس في برنية ويترك في الظل حتي يتعفن ثم يخرج ويجفف.»

في كتب الطبيخ العربية القديمة، يظهر المُرِّيُّ كمكون أساسي في أكثر الأطعمة، ويرى حازم البكري الصديقي أن المري له نوعان أساسيان، هما المري النقيع والمري المطبوخ، ولكل منها عدة طرق لتحضيرها.

إختفاء المري

تراجع إنتاج ورواج المرّي في المشرق بدءاً من العصر العباسي المتأخّر وحتى العصر العثماني، ولا يعرف سبب ذلك، إلا أن الباحث مؤنس بخاري رجّح أن السبب الرئيسي هو الغزو المغولي للعراق في القرن السابع الهجري وما تبعه من تخريب، ممّا أثّر سلباً على إنتاج وتوزيع المرّي.